The Migrant Struggle: How African Migrants Became Pawns in the Houthi War
باتت جماعة الحوثي الموالية لطهران في اليمن محط اهتمام دولي كبير بسبب تهديدها للملاحة العالمية، مما يستدعي تسليط الضوء على مصادر وطرق تسلحها رغم الحظر الأممي المفروض عليها.
وفي هذا الصدد، تهدف هذه الورقة إلى رصد أبرز تطورات عمليات تهريب الأسلحة إلى الميليشيات الحوثية داخل اليمن، وقراءة دلالاتها في سياق الوضع العام الذي يمر به الإقليم في الوقت الحالي.
تسليح الحوثيين
مع تأزم وضع الأذرع الإيرانية في المنطقة على خلفية حرب غزة، شكلت مناطق سيطرة الحوثي وجهة مفضلة لإيران لشحن الأسلحة إلى الميليشيا بهدف تقوية وضعها الداخلي في اليمن، ودعم دورها الخارجي المزعزع للاستقرار.
فرغم حالة التهدئة التي بدأت منذ التوافق على الهدنة الأممية في أبريل 2022، واستمرت بشكل غير رسمي بعد ذلك، لا تتوقف الميليشيات الحوثية عن تكديس السلاح والاستمرار في شن الهجمات حتى خلال الأربعة عشر شهرًا الماضية التي زعمت فيها الميليشيات تجنيد قواها لدعم غزة.
وبينما تنتهج الرياض استراتيجية تسعى لخفض التوتر في المنطقة عبر حل الملفات العالقة مع دول الجوار عبر الحوار المباشر بهدف بناء شبكة أمانٍ إقليمية، (١) فإن الحرس الثوري الإيراني استمر في تسليح الحوثيين حتى بعد المصالحة السعودية- الإيرانية التي تمت بوساطة صينية في العاشر من مارس 2023.
فقد أصدرت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية مؤخراً تقريراً بعنوان "ضبطت في البحر: أسلحة إيرانية مهربة إلى الحوثيين"، يوثق إرسال طهران أسلحة إلى الحوثي في اليمن، ويسجل التطابق بين مواصفات الأسلحة الإيرانية ومكونات الأسلحة التي تم اعتراضها أثناء شحنها من إيران إلى اليمن في 11 و28 يناير 2024.
إذ تم ضبط مكونات صواريخ مختلفة تتطابق مع الصواريخ الإيرانية، وقد سبق وأن اعترضت الولايات المتحدة وحلفاؤها ما لا يقل عن 20 سفينة إيرانية تعمل في التهريب إلى الحوثيين، شملت شحناتها طائرات مُسيّرة ومكونات صواريخ من أنواع مختلفة. (٢)
وبذلك تخرق طهران حظر الأسلحة المفروض بموجب الفقرة 14 من قرار من مجلس الأمن الدولي 2216 (2015)، والفقرة 5 من القرار 2624 (2022) الذي صدر تحت البند السابع، ويصف الحوثيين ب"جماعة إرهابية"، ويفرض حظر توريد السلاح لهم. (٣)
وبحسب تقديرات خبراء الأمم المتحدة فإن قدرات الحوثيين وحدهم لا تمكنهم أبدًا من إنتاج أنظمة أسلحة معقدة مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المُسيرة، فلا يمكن الحصول عليها إلا بدعم خارجي. (٤)
وقال الخبراء الأمميون الذين يراقبون العقوبات ضد الحوثيين، في تقرير من 537 صفحة عُرض على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إن حجم ومدى نقل المعدات والتكنولوجيا الحربية يعد غير مسبوق.
وذكر التقرير أن اللجنة لاحظت تحول الحوثيين من جماعة مسلحة محلية قدراتها محدودة إلى منظمة عسكرية قوية وسعت قدراتها العملياتية إلى أبعد من الأراضي التي تسيطر عليها، وذلك بسبب تهريب السلاح والتدريب الذي قدمه فيلق القدس، الذراع الخارجي للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني والفنيين العراقيين.
طرق تهريب الأسلحة
تحت إشراف فيلق القدس، تتخذ الأسلحة الإيرانية إلى اليمن مسارات متعددة، فبجانب تهريب الأسلحة من إيران للحوثي بشكل مباشر عبر طرق مراوغة عديدة، فإن منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن وثقت وجود وجهات ثالثة وسيطة تُستخدم كمنصات تهريب لإخفاء علاقة الإيرانيين بتلك الشحنات.
أولاً: طرق التهريب من إيران إلى اليمن:
يعتمد الحرس الثوري طرقاً وأساليب مختلفة لشحن السلاح من الأراضي الإيرانية إلى اليمن، وهناك نقطتي انطلاق رئيسيتين: ميناء بندر عباس جنوب الخليج العربي، وميناء جاسك في بحر عمان، وعلى بعد 20 ميلاً من جزيرة لارك الإيرانية في قلب مضيق هرمز يتسلم عناصر يمنيون تابعون للحوثي شحنات تبلغ الواحدة منها أطنانا من مكونات السلاح والذخائر.
يتبع المهربون أحد ثلاثة مسارات؛ الأوّل عبر مياه محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن، ثم تسليم السلاح في عرض البحر قرب منطقة زيلع الصومالية إلى قوارب صغيرة، وفي المسار الثاني يتم تسليم الحمولة في البحر أيضا قرب جزيرة حلانيات العمانية، وفي كلا الحالتين يتم الرسو في النهاية على ساحل المهرة، أما الشحنات الصغيرة فتصل للمهرة مباشرة.
ومن هناك يتم استقبال الشحنات وشحنها برًا إلى مناطق سيطرة الحوثي من خلال مهربين محترفين.
ثانيًا: طرق التهريب عبر وجهات ثالثة وسيطة:
سعيًا لمراوغة جهات التعقب الدولية والمحلية، يتم إرسال شحنات السلاح إلى دولة مطلة على البحر الأحمر أو خليج عدن مثل جيبوتي أو إريتريا أو الصومال أو السودان ليستقبله المهربون هناك ويتم تجمعيه وشحنه إلى ميناء الحُديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون.
ففي ميناء جيبوتي تدخل الشحنات المهربة تحت مسميات شركات وهمية وبعد وصول السفن واستلام الحاويات يتم تفريغها بالتنسيق مع المهربين مالكى الصناديق لشحنها وتهريبها إلى السواحل اليمنية.
وأحيانا يشحن الحرس الثوري الأسلحة من إيران إلى دول شرق أو جنوب أسيا، ومن هناك إلى اليمن، استغلالاً لأنه لا يتم التدقيق والشك في البضائع القادمة من تلك البلدان في الموانئ اليمنية.
وداخل كل دولة عناصر تابعة للحوثي فمثلا في حالة إرتريا، ينتشر الصيادون اليمنيون في الجزر الإريترية لغرض الصيد ويعملون على تهريب السلاح من وإلى تلك الجزر، أما في الحُديدة فعناصر القوات البحرية وخفر السواحل الموالية للميليشيات تتولى تحديد مسارات آمنة لإبحار المهربين أثناء نقلهم للسلاح من الجزر الإريترية إلى الحُديدة.
تحركات الحوثيين في الحديدة وعلاقتها بمسارات تهريب السلاح
مع توجس الحوثيين واستشعارهم هشاشة وضعهم في محافظة الحُديدة بالنظر إلى افتقاد البيئة الحاضنة، تلجأ الميليشيات إلى اتخاذ تدابير مستمرة لتحصين وجود قواتها هناك، وذلك للأهمية الفائقة لوجودهم في الحديدة والساحل الغربي بصفة عامة لاعتبارات مختلفة من أبرزها الحفاظ على مسارات تهريب الأسلحة الإيرانية.
ويعد ميناء الحديدة بمثابة رئة الجماعة ومنفذها الرئيسي إلى العالم الخارجي، لذلك صعدت الميليشيات من إجراءاتها في المنطقة وتوسعت خلال الفترة الأخيرة في زراعة حقول الألغام، خاصة مع تزايد الحديث عن عملية عسكرية مرتقبة ضد الجماعة الموالية لإيران.
ووسط هذه البيئة الشعبية المعادية في الساحل الغربي، استحدث الحوثيون مواقع عسكرية جديدة في جنوب الحديدة بعد تهجير عدد كبير من السكان المحليين والاستيلاء على بيوتهم ومزارعهم وتشريدهم وتحويلهم إلى نازحين.
يأتي هذا في ظل سياق إقليمي تدور الدوائر على المحور الإيراني بشكل غير مسبوق، ففي لبنان تعرض حزب الله للانكسار والدمار في معاقله، وفي سوريا خسرت الميليشيات الموالية لطهران في أيام معدودة نفوذًا بُني في سنوات طويلة، لذلك يعمل الحوثيون، بإشراف من الإيرانيين، على ترسيخ وجودهم العسكري في الساحل الغربي تحسبًا لأي تحرك عسكري يهدف لتجريد الميليشيات من نقاط الإمداد الساحلية وحشرها في أرض حبيسة، مما يصعب وصول أي دعم من إيران.
على ضوء ذلك، يمكن القول في النهاية إن إيران ما زالت مستمرة في إرسال الأسلحة الحديثة إلى جماعة الحوثي في اليمن، انطلاقًا من رهانها على تقوية الجماعة عسكريًا بصفتها ذراعها الضاربة في جنوب البحر الأحمر بما يحمله هذا الموقع الاستراتيجي من أهمية كبيرة في مخططات السياسة الخارجية الإيرانية، وتزاد مراهنة طهران عليها بعد التراجع الذي أصاب أذرعها المسلحة الأخرى في لبنان وسوريا.
ومن هنا، فإن هذا السلوك العملي يشي بأن التجاوب الشكلي مع التحركات الدبلوماسيّة والمبادرات السياسية لا يعدو كونه محاولة لكسب الوقت وخضوعا لحسابات الواقع الآنية أكثر من كونه ينم عن تغير جذري في تفكير أو مسيرة الميليشيات الحوثية، الأمر الذي يستدعي اتخاذ تدابير أكثر تشددا تجاه الجماعة من أجل كبحها وردع قادتها.
(١) حسن المصطفى، مسعى لفهم مسار العلاقات السعودية ــ الإيرانية!، الشرق الأوسط، 14 نوفمبر 2024، على الرابط:
https://aawsat.news/b4dk7
(٢) DIA Report Showcases Iranian Origin of Houthi Weapons Interdicted at Sea, US embassy in Yemen, July 14, 2024, Available on:
https://ye.usembassy.gov/dia-report-showcases-iranian-origin-of-houthi-weapons-interdicted-at-sea/
(٣) مجلس الأمن يتبنى قرارا يخضع جماعة الحوثيين ككيان لحظر السلاح، موقع الأمم المتحدة، 28 فبراير 2022، على الرابط:
https://news.un.org/ar/story/2022/02/1095132
(٤) EDITH M. LEDERER, Iran’s help has transformed Yemen’s Houthi rebels into a potent military force, UN experts say, associated press, November 3, 2024, Available at:
https://apnews.com/article/houthis-yemen-united-nations-sanctions-2368b285b8872d08008998cbb8453a2a
إخلاء للمسئولية: تعبّر وجهات النظر المذكورة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المركز أو فريق العمل.
التعليقات